النـــــافذة ..

Posted: ديسمبر 25, 2008 in قرأت .. وأعجبني

كان هناك رجلان مريضان للغاية وكانا يقيمان في نفس الغرفة الصغيرة في مستشفى كبير . وكانت غرفة صغيرة جداً ولها نافذة واحدة تطل على العالم . وكان أحد الرجلين يسمح له بأن يجلس على السرير لمدة ساعة بعد الظهر كجزء من العلاج (وهذا الإجراء كان يتم لسحب السائل من رئتيه ) . وكان سريره بجوار النافذة، ولكن الرجل الآخر يجب عليه أن يبقى طوال الوقت نائماً على ظهره.

وفي كل مساء عندما يتم رفع الرجل الذي بجوار النافذة لكي يجلس مستقيماً لمدة ساعة ، كان يقضي وقته هذا وهو يصف للرجل الآخر ما يراه في الخارج من النافذة ، وكان من الواضح أن النافذة تطل على منتزه عام حيث توجد بحيرة ، وكان هناك بط في هذه البحيرة ، وكان المحبون يمشون وأيديهم متشابكة تحت الأشجار ، وكانت الزهور تملأ المساحات الممتدة التي تكسوها الأعشاب ، وكانت مباريات كرة القدم تقام هناك ، وفي الخلف ، وراء فروع الأشجار ، يقع منظر خلاب وهو صورة طبيعية للمدينة .

كان الرجل المستلقى على ظهره يستمع لصاحبه وهو يصف كل هذا ويستمتع بكل دقيقة من هذه الساعة ، فكان يسمع كيف أن طفلاً كاد أن يقع في البحيرة ، وكم كانت الفتيات جميلات في ملابسهن الصيفية . إن وصف صاحبه جعله في النهاية يشعر بأنه يستطيع رؤية ما كان يحدث في الخارج .

وفي إحدى الأمسيات الجميلة خطرت على باله فكرة ، لماذا يجب على الرجل الذي كان بجوار النافذة أن يشعر وحده بالسعادة لرؤية ما يحدث ؟ لماذا لا يكون له نفس هذه الفرصة ؟ لقد شعر بالخجل ، ولكن كلما حاول ألا  يفكر بهذه الطريقة كلما زادت رغبته في النظر من النافذة . إنه مستعد لعمل أي شيء من أجل ذلك ! وفي إحدى الليالي عندما كان يحملق في سقف الغرفة ، استيقظ الرجل الآخر ، والسعال يشتد عليه حتى كاد أن يختنق ، وضغط على الزر لكي تحضر الممرضة على وجه السرعة . ولكن الرجل كان يراقب دون حراك ، حتى عندما توقف صوت التنفس . وفي الصباح وجدت الممرضة أن الرجل قد توفي ، وبهدوء أخذوه بعيداً .

وبمجرد أن هدأت الأمور ، طلب الرجل المستلقى أن يتم نقله إلى السرير الآخر بجوار النافذة ، فنقلوه و وضعوه على السرير وأراحوه . وفي اللحظة التي غادروا فيها الغرفة رفع نفسه على كوعه بجهد شديد وألم ونظر إلى الخارج عبر النافذة ، كانت النافذة تواجه جداراً أصم .


مؤلف مجهول
قدمها رونالد داهلستن و هاريت ليندسي .

التعليقات
  1. الأخت الفاضلة: ليلى
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أحييك على حسن اختيار هذه الأقصوصة العميقة المعانى
    قد يرى فيها كل قارئ مالايراه الآخر …
    ولكن أن أعتقد أن أجمل معنى هو أن الجمال دائماً يأتى من داحلنا
    كن جميلاً ترى الوجود جميلاً…..
    تقبلى تقديرى واحترامى
    أخوك
    محمد

  2. Abdullah كتب:

    موضوعك الجديد يفكرني بفيلم الحاسة السادسة

    حلوه الرواية ياليلى

  3. قصة جميلة جداً..

    ومؤثرة جداً..

    وقيمة..

    لما لا نحمل كل هذا الكم من الجمال الداخلي لنرى العالم بكل هذا الجمال..!!!

  4. يتصّارع ” الطيب ” و ” شغف الآنانية ”

    مدري .. ولكن فجأة طرى على بالي قصيدة لنزار قباني بعنوان ” اتحبني وانا ضريرة ”
    ارجوك الإطلاع عليها 🙂

  5. ليلى.ق كتب:

    أخي محمد ..
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
    بيت القصيد أن يفقة القاريء عمق القصة ومغزاها ..
    لك فائق الإحترام والتقدير ..
    شكراً لمرورك .

    .
    عبدالله ..
    فلم الحاسة السادسة جميل وجميع أفلام المخرج الهندي (شيالامان إم) ..”أعتقد اسمه كذا” مثيره للشبهة والريبة ، أتمنى أن تشاهد الفلم الوثائقي الخاص به يستحق الإطلاع .
    سُعدت أن القصة أعجبتك 🙂

    .
    مسك الحياة ..
    سررت أن القصة أعجبتك ، لأنها فعلاً مؤثرة .
    كلٌ يحمل في داخلة جمال ، لكن المنظار المستخدم للمشاهدة مختلف من شخص لآخر .. فهو الذي يحدد لنا مانراه وما لا نراه ..
    🙂

    .
    نآيف ..
    ذكرتني بها .. هي رائعة ومؤلمة توافق عمق هذه القصة .. أصبت .
    تحية عطرة ..

  6. شخص كتب:

    مقال في غاية المعنى والمقصد والروعة ، شكراً لك لقد فتقتي في اعماقي كثيراً من التفكر ، قد يكون خيالاً فقط لكنه يحمل معاني عميقة
    بارك الله فيك ، كم راقت لي هذه التدوينة .. فعلاً لها مدلولها الكبير.

  7. ليلى.ق كتب:

    شخص ..
    ألهمتني هذه القصة و أعجبتني كثيراًً .
    فأحببت أن يشاركني الجميع قراءتها والتمتع بمدلولاتها ..
    الشكر لك سيدي 🙂

أضف تعليق